سورة الرعد تفسير ابن كثر الآية 3
وَهُوَ ٱلَّذِى مَدَّ ٱلْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِىَ وَأَنْهَٰرًۭا ۖ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ ۖ يُغْشِى ٱلَّيْلَ ٱلنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٣﴾

سورة الرعد تفسير ابن كثر

لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى الْعَالَم الْعُلْوِيّ شَرَعَ فِي ذِكْر قُدْرَته وَحِكْمَته وَأَحْكَامه لِلْعَالَمِ السُّفْلِيّ فَقَالَ " وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْض " أَيْ جَعَلَهَا مُتَّسِعَة مُمْتَدَّة فِي الطُّول وَالْعَرْض وَأَرْسَاهَا بِجِبَالٍ رَاسِيَات شَامِخَات وَأَجْرَى فِيهَا الْأَنْهَار وَالْجَدَاوِل وَالْعُيُون لِيَسْقِيَ مَا جُعِلَ فِيهَا مِنْ الثَّمَرَات الْمُخْتَلِفَة الْأَلْوَان وَالْأَشْكَال وَالطُّعُوم وَالرَّوَائِح " مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ " أَيْ مِنْ كُلّ شَكْل صِنْفَانِ " يُغْشِي اللَّيْل النَّهَار " أَيْ جَعَلَ كُلًّا مِنْهُمَا يَطْلُب الْآخَر طَلَبًا حَثِيثًا فَإِذَا ذَهَبَ هَذَا غَشِيَهُ هَذَا وَإِذَا اِنْقَضَى هَذَا جَاءَ الْآخَر فَيَتَصَرَّف أَيْضًا فِي الزَّمَان كَمَا يَتَصَرَّف فِي الْمَكَان وَالسُّكَّان " إِنَّ فِي ذَلِكَ لِآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " أَيْ فِي آلَاء اللَّه وَحُكْمه وَدَلَائِله .